سم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
المودة من الود , وهو محبة الشيء وتمني كونه , والتمني يتضمن معنى الود , لأن التمني هو تشهي الانسان حصول ما يوده " ويقال ود فلان الشيء " اي احبه ومال إليه وألفه .
ومن اسماء الله الحسنى ( الودود ) وهو على وزن فعول بمعنى مفعول فهو مودود اي محبوب في قلوب اوليائه , ويجوز ان يكون فعول بمعنى فاعل اي انه يحب عباده الصالحين وبمعنى انه يرضى عنهم .
وفي سورة هود يقول الحق جلّ جلاله ( واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه ان ربي رحيم ودود ) اي يضاعف الإحسان والإنعام والكرم لأوليائه ويغمرهم برضائه " وكأن المودة اي مودة الله تبارك وتعالى ينبغي ان يقابلها استغفار العبد من سائر الذنوب والتوبة النصوح الى الله فيما يستقبل من الأعمال السيئة , فالله ودود لمن استغفر وتاب والتوبة تجديد دائم للحياة .
وفي سورة البروج قال الله تعالى ( وهو الغفور الودود ) اي المحب لعباده الصالحين كما يود احدكم اخاه بالبشرى الطيبة والمحبة او الذي يوده هؤلاء العباد ويحبونه ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه )
وقد ذكر الرازي لكلمة ( الودود ) عدة اقوال
1.. المحب
2 ... المتودد الى اوليائه بالغفرة والثواب .
3 ... انه محبوب من عباده الصالحين لما عرفوا من كمال في ذاته وصفاته وأفعاله .
4 ... ان الودود هو الحليم , ونفهم من حديث القرآن الكريم ان المودة الطاهرة خلق من اخلاق الكريم وفضيلة من فضائل الاسلام .
وها هو ذا التنزيل المجيد يخبرنا ان هذه الفضيلة نعمة من الله على الاخيار من خلقه فهو يقول وقوله الحق في سورة مريم ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّا ) اي سيرزقهم محبة في القلوب وذلك بشارة بسعة الاسلام وبسط سلطانه ومحق المنافقين الذين يضمرون البغض والكراهية للمؤمنين , او ان ذلك يكون يوم القيامة إذ يتآلف المؤمنون ولا يكون في قلوبهم غل .
وقيل ان المراد بالود هنا هو مراعاة الله فهم وروي الاصفهاني ان الله تعالى قال لنبيه موسى عليه السلام ( اني لا أغفل عن الصغير لصغره ولا عن الكبير لكبره وانا الودود الشكور ) ولكن المعني الاول أوضح لأن الله تعالى يغرس لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات محبة ومودة في قلوب عباده الصالحين بدليل قول الرسول عليه الصلاة والسلام "( إن الله إذا احب عبدا دعا جبريل فقال " يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في اهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الارض , وإن الله إذا أبغض عبداً دعا جبريل فقال " يا جبريل إني أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه فيبغضه اهل السماء ثم يوضع له البغضاء في الارض )
ويقول القرآن الكريم في سورة الروم ( ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) اي خلق لكم من جنسكم اناثاً يكن لكم زوجات لتسكنوا اليهن وتجدوا لديهن الأمان والإطمئنان والائتلاف وجعل بينكم وبينهن محبة ورأفة .
والمودة بين المسلمين أمر واجب لأن الله جلّ جلاله يقول ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض ) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا .
وخير من يستحق المودة هم أقارب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو اولهم ولذلك يقول القرآن الكريم في سورة الشورى ( قل لا اسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور)
ويفتح القرآن الكريم امامنا باب الامل والاطماع في اصطناع المودة فيخاطب المؤمنين في شأن الكافرين فيقول في سورة الممتحنة ( عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله غفور رحيم )
كما يشير النبي عليه الصلاة والسلام الى المودة الطيبة التي تنشأ بين الزوج والزوجة حيث يقول ( تزوجوا الودود الولود )
ويتحدث ابو الحسين النوري عن اعلى انواع المودة وهي محبة الله جل جلاله فيقول " من وصل الى وده أنس بقربه ومن توسل بالوداد فقد اصطفاه من بين العباد .
ويشير هرم بن حيان الى ان حب الله تعالى هو الطريق الى استقامة المحبة مع الناس فيقول " ما أقبل عبد بقلبه الى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين اليه حتى يرزقه مودتهم ومحبتهم واخلاصهم .
اللهم هب لنا حبك وحب من يحبك يا رب العالمين فإنك انت الرحيم الودود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق