قبل أن نذكر أنواع الجن وأصنافها نذكر سؤالاً وجواباً في خلقها :
السؤال: سبق أن ذكرنا أن الله خلق الجن من النار قال الله تعالى والجان خلقناه من قبل نار السموم ثم أخبر سبحانه وتعالى أن الشهب
تضرهم وتحرقهم أو أن العصاة منهم يعذب في النار يوم القيامة فكيف تحرق النار النار .
والجواب : أن الله تعالى أضاف خلق الشياطين والجن إلى النار كما أضاف خلقة الإنسان إلى التراب والطين والفخار والمراد به في
حق الإنسان أن أصله الطين وليس الآدمي طيناً الآن بل صار لحماً وعظماً ودماً ولكنه كان طيناً في البدء أي في بدء خلقته كذلك الجان
كان ناراً في الأصل والدليل على ذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :
عرض لي الشيطان في صلاتي فخنقته فوجدت برد ريقه على يدي ولقد همت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه لولا دعوة
أخي سليمان رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إذن فالجن ليسوا باقين على عنصرهم الناري كما أن الإنسان ليس باق
على عنصر التراب .
هناك موضوع مهم ايضا يمكن الاطلاع عليه بعنوان الدليل على وجود الجن .
ومما يزيد ذلك تأكيداً قول النبي صلى الله عليه وسلم :إن عدو الله تعالى إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي
وقوله صلى الله عليه وسلم : رأيت ليلة أسرى بي عفريتاً من الجن يطلبني بشعلة من نار كلما التفت رأيته وبيان الدلالة منه أنهم لو كانوا
باقين على عنصرهم الناري وأنهم نار محرقة لما احتاجوا إلى أن يأتي الشيطان أو العفريت منهم بشعلة من نار ولكانت يده تكفي إذا لمس
بهما ابن آدم أحرقه كما تحرق الآدمي النار الحقيقية بمجرد اللمس .
وقد ذكرت العلماء أن الأنواع الرئيسية للجن كثيرة منها : إبليس والشياطين والمردة والعفاريت والأعوان والغواصون والطيارون والتوابع
والقرناء والعمار وهؤلاء مختلفي العقائد كبني آدم .إنما يغلب فيهم الكفر والجحود والكبرياء وهم أنواع كثيرة جداً وهم سكان الماء والهواء
والأرض وتحتها أي ظاهرها وباطنها وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الجن ثلاثة أصناف صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء
وصنف حيات وصنف يحلون ويظمنون .
يمكن لك قراءة مقال وجود الجن في البيت .
وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم خلق الله الجن ثلاثة أصناف صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض وصنف كالريح
في الهواء وصنف كبني آدم عليهم الحساب والعقاب .
(فالجن): يطلق هذا الاسم على كل خفي لا يطلع عليه الإنسان وهذا النوع أوسع من البشر علماً وأغزرهم مادة وأعلمهم في كل فن يقول
الله تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .
(والعفريت) : وهو نوع من الجن ويجوز إطلاقه على أنواع أخرى من الحيوان أو الإنسان وهو ذو دهاء ومكر وخبث أعطاه الله شدة
وقوة قال الله تعالى (قال عفريت من الجن أنا أتيك به قبل النوم أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين) سورة النحل
(والعفريت المائي :أي المارد من الجن )
(والشيطان): من أنواع الجن . ويجوز إطلاقه على أنواع أخرى من الحيواني والإنساني وهو طاغ متكبر فاسق منحط وهو عدو الإنسان
وقد خصه الله باللعنة قال الله فيه
(يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) سورة النور .
وقال أيضاً (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) سورة الإنعام
ورب قائل يقول (إذا كانت الجن موجودة لماذا لم نسمعهم أو نراهم )
والجواب :إن عدم النظر أو عدم السمع أو عدم وصول إحدى الحواس الإنسانية إلى وجود الجن لا يقوم دليلاً على عدم الوجود لا نقلاً
ولا عقلاً (أما العقل) فيجوز وجود كائن حي غير مرئي وقد وجد بالفعل فإن الميكروب كائن حي في طبقات الجو لا يمكن رؤيته فيصيب
به خالقه من يشاء به ويمنعه عمن يشاء بل وكثير من فيروس الأمراض لم تر ولم نتحقق منها حتى الآن رغم وجودها وتأثير فعلها .
بل لقد توصل العقل البشري (مع قصره بالنسبة لما في علم الله )
إلى استخدام الأثير الذي منه مادة تكوين الجن . فأوجدوا الراديو ليحمل الأصوات طبق أصلها من المذيع إلى كافة المستمعين بلا رؤية
شيء بل تسمعه وأنت في جوف المحيط وأنت في أي مكان مغلق بأحكام وتسمعه على أبعاد لا يتصورها العقل فتسمع أمريكا أو استراليا
أو غيرهما وأنت في مصر .
يمكنك الاطلاع على مقال وجود الجن في مساكن الانسان .
بل قد اخترع الإنسان التلفزيون لنقل الأخبار مصورة بصورة من يتكلم وكذلك الرادار وهو حساس جداً يحدد لك وجود الطائرات
والأجسام الغريبة على بعد شاسع ويحدد موقعها في طبقات الجو .
بل والكهرباء نعرف تأثيرها ولم نعرف ذاتها لا شكلها ولا لونها إلخ ..
فإذا كانت هذه قد وجدت وهي لا يتصورها الإنسان لأنه لم يسمع ولم ير القوة الناقلة لهذه المعجزات البشرية فكيف به لا يعترف بوجود
مخلوقات غير مرئية وهي الأرواح كما يسميها لاد الغرب وإذا لم نقر ونعتقد بوجوب ما غاب عن نظرنا وبصرنا لزم علينا إنكار الروح
أيضاً لأنها ليست من العوالم المرئية .
والواقع أن للخلقة البشرية حدوداً لا تتعداها . من طرق المعرفة الحسية بحواسه الخمس . وللإنسان شيء آخر فوق ذلك هو قوة
الإيمان ونور البصيرة فإذا وصل الإنسان إلى الروحانية الكاملة أمكنه أن يرى ويعرف ما وراء المادة .
(أما النقل) فقد ذكر الله سبحانه وتعالى الجن في كتابه العزيز بأنواعه الثلاثة : (جن، عفريت ، شيطان) أكثر من أربعين مرة في أربعين
سورة من القرآن الكريم وروى البخاري ومسلم في صحيحهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ست وثلاثين حديثاً صحيحا
في أخبار الجن . منها ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر( هل تعوذت بالله من شر شياطين الجن والإنس )
قال قلت : وهل للإنس من شياطين قال (نعم هم شر من شياطين الجن ) .
قال قلت : وهل للإنس من شياطين قال (نعم هم شر من شياطين الجن)
ويقول الله تعالى (ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أوليائهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا
أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم) سورة الإنعام .
(التفسير) يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أذكر لهم يوم نحشر الضالين والمضلين من الثقلين (الجن والإنس) فيقول القوي الجبار لهم
يا معشر الجن قد استكثرتم من اتباعكم من الإنس فأضللتم وغويتم وما كتم الكثير منهم . مثل الصرع والزواج وغير ذلك ويقول أولياء
الشياطين من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض بما نلنا من لذات فانية في دار الدنيا كالمحادثة والمعاشرة الجنسية سواء بالزواج أو بالزنا
أو بالاستخدام وقضاء الحوائج وإظهار ما يشبه المعجزات من مدهشات الأعمال ففتنونا أبالسة الجن .وفتن بعضنا بعضاً بطريقة اللذة
المتبادلة المادية والمعنوية وقد بلغنا أجلنا الذي حددته لنا في سابق علمك فلم تنقصنا منه شيئاً ولم ندخل في حسابنا عرضنا عليك ولا
حسابنا بين يديك فيسمعون النداء الأعلى بلسان الملك (النار مثواكم خالدين فيها) فلا خروج للكافر والمشرك من نار جهنم ولا فوت ولا موت .
وقد ساق الله جل شأنه النداء للجن والإنس ممن سبق هذه الآية ولا شك أن فيهم مؤمنين عصاة قد استمتع بعضهم ببعض فجعل الله مثواهم
جميعاً النار لأن الكفار ماتوا على كفرهم من الجن والإنس والعصاة ماتوا على عصيانهم وأصل الإيمان والتوحيد معهم فاقتضت حكمة الله
أن يكونوا في النار تطهيراً لما ارتكبوا من الذنوب وهؤلاء قد استثناهم الله سبحانه وتعالى من الخلود . فقال : إلا ما شاء الله وتستعمل (ما)
مكان (من) لأن ربك حكيم في أمور عباده من الجن والإنس . علم بأحوالهم وبمن يستحق منهم الخلود ومن يستحق طول العذاب أما
الكفار والمشركون فلا يدخلون في (إلا ما شاء الله) بأدلة كثيرة من القرآن ومن السنة .
فالجن موجود وسيحاسب وسيعاقب ويثاب ثم أعاد الله سبحانه وتعالى سؤال الكفار والمشركين من الجن والإنس تبكينا لهم وإذلالاً وإهانة .
يمكن قراءة مقال اعتداء الجن على مساكن الانسان للافادة .
فقال (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا) وهو يوم القيامة( قالوا شهدنا على أنفسنا
وغرتهم الحياة الدنيا) قلم يتذكروا أنهم سيفارقونها أو أنهم لن يعودوا للحياة مرة ثانية وأن علمهم كتب عليهم وأنهم لا محالة محاسبون
وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ، فالجن مكلف مع الإنسان سواء بسواء . ويقول الله تعالى أيضاً(وقل رب اعوذ بك من همزات
الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) سورة المؤمنين .
وفي هذه الآية أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أني أستعذ بالله من همزات الشياطين ومن حضورهم مجلسه وهمزة الشيطان
دفعه وتحريكه الشديد وذلك بوسوسته وبتأليب أعدائه عليه .
قال الحسن كان عليه الصلاة والسلام يقول بعد استفتاح الصلاة (لا إله إلا الله ثلاثاً الله أكبر ثلاثاً اللهم إني أعوذ بك من همزات الشياطين
همزه ونفثه ونفخه) فقيل يا رسول الله وما همزه . قال : الموتة التي تأخذ ابن آدم ( أي الجنون )قيل فما نفثه
قال : الشعر ــ قيل فما نفخه قال : الكبر .
وهذه من الأحاديث الواردة في الجن والشياطين :
روى مسلم رضي الله عنه أن فتى من الأنصار قتل حية في بيته فمات في الحال ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام إن في المدينة جنا
قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان . و تفصيل الحادث ما رواه مسلم عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه قال قد كان عنده ضيف فرأى حية وأراد قتلها فمنعه أبو سعيد ، وقال له : لا تقتلها واسمع حكاية حصلت في هذا
المنزل ، قال كان في هذا المنزل فتى منا . حديث عهد بعرس أي تزوج حديثاً فخرجنا معشر الصحابة لحفر الخندق فكان الفتى يستأذن
الرسول صلى الله عليه وسلم بأنصاف (يعني ظهراً) فاستأذنه يوماً ، فقال الرسول خذ عليك سلاحك فإنني أخشى عليك قريظة
(قبيلة من أعداء المسلمين في طريق الفتى لبيته)
فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع .فإذا امرأته بين البابين
(باب الشارع وباب المنزل الداخلي )
قائمة فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وأصابته غيرة (لأنها تركت المنزل) وخرجت الباب فقالت : أكفف عليك رمحك (لا تطعن به)
أدخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فاقتصها به ثم خرج فركزه
في الدار (أقامه في الدار مغروزاً منه في الأرض) فاضطربت عليه ( التوت عليه تخرج أنفاسها من ضربة الرمح)
فما يدري أيهما كان أسرع موتاً الحية أم الفتى (يعني ماتا معاً) فجئنا رسول الله وذكرنا له ذلك وقلنا له ادع الله يحييه لنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق